أبوظبي (الاتحاد)
أكد فضيلة الشيخ صالح عباس، وكيل الأزهر، أن الإسلام يدعو إلى العفو والتسامح، ويتضح ذلك في العديد من آيات القرآن الكريم، وأحاديث الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وسار المسلمون في مختلف العصور والبلدان على منهاج النبي صلى الله عليه وسلم.
وأضاف: لعل في ما أعلنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، من أن عام 2019م سيكون «عاماً للتسامح» في البلاد، أصدق دليل على امتثال المسلمين لأوامر القرآن الكريم والسنة النبوية المشرفة، وأن الإسلام دين التعايش والتسامح، وأنه براء من كل ما يلصق به من تهم، تسبب في إلصاقها به فئة ضالة لا علاقة لها بالإسلام.
وأشار وكيل الأزهر إلى تعدد مظاهر التسامح في الإسلام سواء في العبادات أو التعاملات، بدءاً من الدعوة إلى اعتناقه أو الدخول فيه؛ قال تعالى: (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) ومروراً بالتعامل بين المسلمين أنفسهم؛ قال تعالى: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ)، وقال صلى الله عليه وسلم: «المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسْلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة» وصولاً إلى التعامل مع غير المسلمين إذ لم يأمر الإسلام أتباعه بالتضييق على غيرهم من أتباع الديانات؛ قال الله تعالى: «لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ»، بل إن الإسلام أمر أتباعه ببرّ غيرهم من أتباع الديانات الأخرى والتعايش معهم؛ طالما أنهم لم يناصبوا المسلمين العداء؛ قال تعالى: (ولَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ)، وقال أيضاً: (لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ)، ويقول جل شأنه: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا).
وتابع فضيلته: «لم يقف الإسلام في دعوته إلى التسامح حد التنظير فقد تمثل التسامح واليسر في ما يتعلق بتأدية عدد من أركان الإسلام في الصلاة والصيام والحج، فقد شرع للمريض أن يتيمم إن أراد الصلاة ومنعه مرضه من استعمال الماء، ولغير المريض إن فقد الماء حقيقة أو حكماً، كما أباح له أن يصلي قاعداً، وأباح للمريض والمسافر أن يفطرا في نهار رمضان وأن يؤديا ما عليهما من أيام في أيام أُخر، ولم يفرض الحج إلا على القادر المستطيع إلى آخر ذلك من أحكام وضحها الفقهاء لا يسع المقام ذكرها.
أروع الأمثلة
قال فضيلة وكيل الأزهر، ضرب المسلمون أروع الأمثلة في تطبيق التسامح، ولنا في رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم - الأسوة الحسنة والقدوة الصالحة، فعن السيدة عائشة -رضي الله عنها- أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: «هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أحد؟ قال: لقد لقيت من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضت نفسي على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال، فلم يجبني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسي فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني فقال: إن الله قد سمع قول قومك لك وما ردوا عليك وقد بعث إليك ملك الجبال لتأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال فسلم علي ثم قال: يا محمد فقال ذلك فيما شئت، إن شئت أن أطبق عليهم الأخشبين، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئاً»، وموقفه -صلى الله عليه وسلم- من أهل مكة عندما دخلها فاتحاً منتصراً، حيث قال لهم : لا تثريب عليكم اليوم، اذهبوا فأنتم الطلقاء.